“نحن في الجمعية نذهب أبعد من ذلك حيث نطالب بتعديل كافة القوانين ومن ضمنها القانون الأسمى الذي هو الدستور، لتصبح منسجمة مع حقوق الإنسان الكونية وهذا ما يسمى بالملائمة” عبد الحميد أمين نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
الحادث الذي عرفته مدينة المحمدية مؤخرا لا يقف عند إقدام مجموعة من الشباب على الإفطار علنا في شهر رمضان لاعتراضهم على الفصل 222 من القانون الجنائي، لا أبدا، بل يسجل مرحلة جديدة للحرب المستعرة بين مرجعيتين متناقضتين، مرجعية ترتضي الوحي منهجا للحياة، وأخرى تتبنى التشريعات والمبادئ المادية الإلحادية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فبالأمس القريب، وبعد أن أصدرت وزارة الداخلية بلاغا أعلنت فيه حرص السلطات العمومية الكامل على التصدي بكل حزم لكل الممارسات المنافية لقيم المجتمع المغربي، ولكل المنشورات والكتب والإصدارات التي ترمي إلى المس بقيمه الدينية والأخلاقية في إطار القانون، وعزمها مواصلة العمل للتصدي لأي مبادرة من أي جهة كانت لدعم مثل هذه السلوكات المشينة ومساندتها، خرجت كل من أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وخديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لتنددا بهذا العمل، معتبرين إياه مخالفة صريحة لاتفاقيات حقوق الإنسان وانتهاكا سافرا للحرية الفردية والحياة الشخصية للأفراد.
وبعد أن أتى الدور على المرتدين عن دين الإسلام إلى النصرانية، خرجت علينا مرة أخرى كل من بوعياش والرياضي، لتنددا بما أسمتاه خرقا سافرا لمبادئ حقوق الإنسان والمس بالحريات الفردية وحرية المعتقد التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي وجب على المغرب احترامها، وعلقت الرياضي بكل جرأة أنه: “من حق هؤلاء الأشخاص أن يمارسوا شعائرهم الدينية وليس فقط الاعتقاد بها، بشكل خاص أو علني، فردي أو جماعي”.
وبعد خروج الحركة البديلة للدفاع عن الحقوق الفردية “مالي” إلى الساحة وعزمها عقد إفطار علني جددت المنظمات والجمعيات العلمانية مواقفها، وقامت بالدفاع المستميت عن هذه الحركة إلى درجة استعمال لغة التهديد والوعد والوعيد.
فقد صرحت الرياضي أنه “حان الوقت ليلائم المغرب تشريعاته مع الميثاق الدولي المتعلق بحقوق المدنية والسياسية الذي وضعته الأمم المتحدة وصادقت عليه المملكة منذ ثلاثين سنة”. وهددت في آخر تصريحها أنه في حالة ما إذا كانت هناك متابعات قضائية فإن الجمعية ستضع تحت تصرف الشباب فريقا من المحامين.
وأعربت خديجة الرويسي رئيسة جمعية بيت الحكمة أن: “هناك قوانين مسطرة بالمغرب لكن أعتبر القانون المغربي جائرا لأنه يمس الحرية الفردية للشخص” ، فـ”هناك من هو مقتنع بالصيام وهناك من لا تطرح لديه هذه القناعة، لدي تخضع مثل هذه الأمور للقناعة الشخصية”.
فإذا كانت الرويسي قد حاولت جاهدة التهرب من الجواب لاعتقادها بأن الحدث يسبق المرحلة التي نعيشها فإن عبد الحميد أمين نائب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان صرح دون مواربة بقوله: “نحن في الجمعية نتبنى كل ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمغرب كدولة له نفس الالتزامات، والمادة الثامنة عشر من هذا الإعلان ونظيرتها في العهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية تطرح ما يلي: لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة أو أمام الملأ أو على حدة، وعليه فمن حق “مالي” أن تطالب باحترام المواثيق الدولية، ونحن في الجمعية نذهب أبعد من ذلك حيث نطالب بتعديل كافة القوانين ومن ضمنها القانون الأسمى الذي هو الدستور، لتصبح منسجمة مع حقوق الإنسان الكونية وهذا ما يسمى بالملائمة”.
إنه على الدولة اليوم مراجعة طريقة تعاملها مع مثل هذه الجمعيات والمنظمات، ذات الدعم الأجنبي والأهداف المعلومة لديها وتحديد مساحة عملها، خاصة بعد أن أصبحت هذه الجهات وسيلة ضغط مباشر لتمرير قناعات وأفكار مخالفة لديننا وقيمنا وثوابتنا، فرغم أن الجرم العظيم الذي اقترفته هذه الشرذمة من الشباب المغرر بهم مخالف للقانون وللمعلوم من الدين بالضرورة من قبل، وسلوك مستفز لعموم الشعب المغربي، إلا أن هذه الجمعيات أبت إلا أن تخالف التوجه الذي ارتضاه المغاربة وتتنكر للدين، خادمة بذلك الأجندة الغربية.
فعلى المجالس العلمية وعلى المثقفين المتحررين من أغلال الثقافة الغربية وكل غيور على البلد وقيمه ودينه أن يكشف حقيقة مثل هذه الجمعيات والأدوار الخطيرة التي تلعبها في دعم الانحرافات السلوكية والعقدية.
فإلى متى هذا الصمت عن طغيان الجمعيات الحقوقية؟