إنشاء الأنفاق والحفريات تحت المسجد الأقصى لإعادة بناء المعبد اليهودي

لم تنقطع محاولات اليهود الجادة يوماً لتشييد هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، ففي 21 غشت 1969م أقدم (دينس مايكل) على إشعال النار في المسجد الأقصى، وأتت النيران على أثاث المسجد وجدرانه، والتهمت منبره الذي كان صنعه نور الدين محمود زنكي ونصبه صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير المسجد، وحاولوا نسف المسجد بمتفجرات (TNT) مرات عديدة، وكثيراً ما اكتشف حراس المسجد الأقصى ذلك.

وابتداء من سنة 1967م شرعت الحكومة الصهيونية في القيام بعمليات الحفريات التي لا تزال مستمرة إلى وقتنا هذا، وهي تستهدف الوصول إلى غاية من أخبث الغايات التآمرية على المسجد الأقصى ولا تستطيع المنظمات اليهودية كلها أن تقوم بها وهي: تفريغ الأرض تحت المسجد الأقصى ومسجد الصخرة لترك المسجدين قائمين على فراغ ليكونا عرضة للانهيار السريع بفعل أي عمل تخريبي أو حتى اهتزازات أرضية طبيعية أو صناعية.
وهم بطبيعة الحال لا يُظهرون هذا الهدف ولكن الهدف المعلن دائماً هو الكشف عن آثار باقية للهيكل الثاني الذي دمر عام 70 للميلاد، وقد سمحت الحكومة الصهيونية خلال عامي 1995-1996 لمؤسستين صهيونيتين وهما: (شركة الآثار الإسرائيلية) و(شركة تطوير القدس) بإجراء المزيد من الحفريات.
لقد هدم اليهود (حي المغاربة) كلياً لتكون الأرض جاهزة تماما لأي أعمال حفر وتنقيب، وتم إجلاء أعداد كبيرة من سكان القدس القديمة، وإخلاء بيوت عربية كثيرة، وقد أضحت اليوم عمليات شق الأنفاق والحفريات تهدد أساسات المسجد الأقصى أكثر من أي وقت مضى، وتسهل أو تكمل مشروع بناء الهيكل في مراحله الأخيرة.
وكانت قصة الافتتاح الرسمي لنفق (الحشمو نائيم) في سنة 1996 بمثابة رسالة وجهتها الحكومة الصهيونية المتطرفة تعلن من خلالها بوضوح تبنيها لهذا المشروع التخريبي.
وكان افتتاح النفق في ذلك الوقت إشارة إلى بدء الاجراء العملي (الرسمي) لتحويل المسجد الأقصى إلى معبد يهودي، فبعد أن اكتمل النفق بطول أربعمائة متر في فترة عمل سري افتتحه عمدة القدس آنذاك (تيدي كوليك) رسمياً في احتفال علني وهذا الافتتاح الرسمي أرادت به الحكومة الإسرائيلية أن تلقي برسالة مفادها أن اليهود أصبحوا شركاء في ساحات الأقصى، فالأنفاق تجري من تحتها وبداخلها مساحات تصلح لأن تكون كنيساً مؤقتاً يقيم فيه الراغبون من اليهود صلواتهم (في الدور الأسفل) ريثما يتاح الانتقال إلى الأدوار العليا. وقد وضعت الحكومة الصهيونية لوحات إلكترونية داخل النفق تظهر البلدة القديمة للقدس بدون المسجد الأقصى أو مسجد الصخرة، ويظهر مكانهما الهيكل اليهودي وسط طابع معماري جديد للمدينة تغلب عليه الصبغة اليهودية، وأرادت حكومة نتنياهو آنذاك أيضا أن يكون الافتتاح اختباراً تقاس به ردود الأفعال والأقوال العربية والإسلامية إذا ما تم تنفيذ مشاريع أكبر، وقد جاءت ردود الأفعال والأقوال مشجعة لليهود حتى إن نتنياهو لم يجد مانعاً من التفاخر علناً بما تم إنجازه مشيداً بعهده الشجاع الذي شهد هذا الافتتاح بعد أن تأخر كثيراً وقال: (إنني فخور جداً ومتأثر جداً فالنفق يمس أساس وجودنا) وهاجم الفلسطينيين الذين اعترضوا على ما حدث قائلا: (السلطة الفلسطينية تتحمل مسؤولية ما يحصل وسنستخدم كل الوسائل المتاحة لوقف الاعتراضات) وفعلاً.. توقفت الاعتراضات واستأنفت المفاوضات بعدها على كل المسارات، ثم توقفت بعد إصرار اليهود على بناء مستوطنات على جبل أبي غنيم.. ثم استأنفت حتى جاء الوقت الذي تعاقدت فيه الصهاينة مع المنظمة على تحمل تلك المسؤولية الأمنية كاملة في جريمة كاملة تسمى (واي بلانتيشن).
ومما يجدر ذكره أن هناك أنفاقاً أخرى لم يعترض عليها يجري الإعداد لها والعمل فيها، والهدف منها أن يأتي وقت تكتمل فيه ممرات وشوارع تحت ساحات الأقصى تسهل التنقل تحته في المراحل القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *