م يكن لأهل الابتداع أن يتركوا المجال لأهل السنة ليستأثروا بتلك النسبة الشريفة، وتلك الأسماء الرفيعة في الدِّين، وما كان معتقد أهل السنة ومذهبهم ليسلم من الطعن من كل مبتدع ضال.
روى أبو إسماعيل الصابوني بسنده عن أحمد بن سنان القطان قال: “ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو مبغض أهل الحديث، فإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه” عقيدة السلف أصحاب الحديث 120.
ولقد استعملوا في القديم والحديث كل وسيلة لانتقاص أهل السنة والنيل منهم، بدأ من التشنيع على أهل السنة بأشياء ينفّر بها كثير من الناس، وتسميتهم للاعتقاد الحق بأسماء مذمومة من باب تسمية الأشياء بغير اسمها أو بأضدادها.
فالجهمية مثلا تسمي أهل السنة بالمشبهة لأنهم أثبتوا صفات الله تعالى.
وعامة المتكلمين يسمونهم حشوية من الحشو وهو ما لا خير فيه، لزعمهم أن من لم يحط بالمنطق علما لم يوثر بعلمه وليس منه على يقين.
وتسمي الرافضة أهل السنة بالنواصب لأنهم يوالون أبا بكر وعمر كما يوالون أهل البيت ورحمة الله عن شيخ الإسلام حيث قال:
إن كان نصبا حب صحب محمد فليشهد الثقالان أني ناصبي
والقدرية النفاة قالوا أهل السنة مجبرة لأن إثبات القدر جبر عند هؤلاء النفاة.
ومن اتهامات المعاصرين لأهل السنة اتهامهم ممن يدعون التجديد بالجمود!!
وممن يدعون الفكر والنظر بأصحاب الفكر السطحي! أو أصحاب الفقه البدوي!
ومن اتهاماتهم في حق أهل السنة رميهم بأن ما عندهم سوى: قال الله قال رسوله ويهتمون بالقشور ويتركون اللباب.
ومن اتهامات كثير من الحركيين لهم: نبزهم بأنهم أصحاب فقه حيض ونفاس! وأصحاب الكتب الصفراء!
ومن اتهامات العلمانيين لهم: اتهامهم بالظلامية والرجعية والماضوية وهكذا.
والله تعالى يقول: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً”.
فكما رأينا لم يقف أهل البدع عند حدِّ تسمية العقائد الحقة بغير اسمها وإنما سمو أهل الاعتقاد الحق والطريقة الرضية بأسماء رديَّة زورا وبهتانا من عند أنفسهم.
قال الإمام أحمد رحمه الله في كتاب السنة: “وقد أحدث أهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنيعة قبيحة يسمون بها أهل السنة يريدون بذلك الطعن عليهم والإزراء بهم عند السفهاء والجهَّال”.
حتى أصبح شعار أهل البدع الذي به يعرفون ويميزون عن غيرهم هو الوقيعة في أهل السنة والحديث، واتهامهم بالباطل والتشنيع عليهم زورا وبهتانا، ولذلك قال ابن أبي حاتم رحمه الله: “وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر” الرد على الجهمية.
وقال الألوسي رحمه الله: “وخصوم السلفيين يرمونهم..تنفيرا للناس عن اتباعهم والأخذ باقوالهم.. وأعداء الحق في عصرنا هذا على هذا المسلك الجاهلي فتراهم يرمون كل من تمسك بالكتاب والسنة بكل لقب مذموم” شرح الآلوسي لمسائل الجاهلية 94-95.