قال الأوزاعي رحمه الله: “الصاحب للصاحب كالرقعة للثوب، إذا لم تكن مثله شانته”.
ومن ثم “فما كل أحد يستحق أن يعاشر ولا يصاحب ولا يسارر” قاله القرافي رحمه الله.
وقد ذكر العلماء فيمن تؤثر صحبته ومحبته خمس خصال: أن يكون عاقلا، حسن الخلق، غير فاسق، ولا مبتدع، ولا حريص على الدنيا.
أما العقل فهو رأس المال وهو الأصل فلا خير في صحبة الأحمق.
ونعني بالعاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه؟ إما بنفسه وإما إذا فهم.
قال علي رضي الله عنه:
فلا تصحب أخا الجهل *** وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى *** حليما حين أخاه
أما حسن الخلق فلا بد منه إذ رب عاقل يدرك الأشياء على ما هي عليه، ولكن إذا غلبه غضب أو شهوة أو بخل أو جبن أطاع هواه، وخالف ما هو المعلوم عنده، لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه، فلا خير في صحبته.
أما الفاسق فلا فائدة في صحبته، فمن لا يخاف الله لا تؤمن غائلته ولا يوثق بصداقته، بل يتغير بتغير الأعراف إضافة إلى أن صحبة الفاسق تورث الشهوة.
قال تعالى: “فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا”.
أما المبتدع ففي صحبته خطر سراية البدعة وتعدي شؤمها إليه، فالمبتدع مستحق للهجر والمقاطعة -بشروطه وضوابطه-، فكيف تؤثر صحبته.
قال أحد السلف صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق.
أما الحريص على الدنيا فصحبته سم قاتل، لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه، فمجالس الحريص على الدنيا تحرك الحرص، ومجالس الزاهد تزهد في الدنيا، فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا ويستحب صحبة الراغبين في الآخرة.
قال الناظم:
الناس شتى إذا ما أنت ذقتهم *** لا يستوون كما لا يستوي الشجر
هذا له ثمر حلو مذاقته *** وذاك ليس له طعم ولا ثمر