عدنان إبراهيم.. والدجال! أين هو الدجال؟ كتبه طارق الحمودي بيان حال خطيب النمسا (10)

مما حاول به الأستاذ عدنان إبطال قصة الدجال زعمه وقوع اضطراب من النبي صلى الله عليه وسلم وفق الحديث في تعيين مكان خروج الدجال.. وقصده ما رواه مسلم (2835) مرفوعا: (ألا أنه في بحر الشام أو بحر اليمن؛ لا بل من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو… وأومأ بيده إلى المشرق) وصار يسخر من ذلك ويقرأ الحديث هكذا: (ما هو من قبل المشرق).
على أن النبي صلى الله عليه وسلم ينفي أن يكون من المشرق مقدما (ما هو) على (من المشرق) وهذا خطأ، والصحيح أن (من المشرق) سابقة بـ (ما هو) فليست (ما) نافية كما ظن.. ويكفي لبيان ذلك نظرة سريعة في متن الحديث لتجد أن آخر كلمة منه كانت (ما هو). وهذا دليل على أن جهل عدنان من الدرجة الأولى.. وهي حالة مزمنة تصيب بعض المغرورين ..فاللهم أذهب الباس !!
قال القاضي عياض في إكمال المعلم: (ليس (ما) هنا للنفي لأنه إنما يريد إثبات كونه من جهة المشرق، و(ما) هنا زائدة لصلة الكلام، أي من قبل المشرق هو).
وكذلك قال أبو العباس القرطبي في المفهم. وقال أبو عبد الله القرطبي في التذكرة (2629/مكتبة الصفا): (شك أو ظن منه عليه الصلاة والسلام، أو قصد الإبهام على السامع، ثم نفى ذلك وأضرب عنه بالتحقيق فقال: لا بل من قبل المشرق، ثم أكد ذلك بـ(ما) الزائدة، وبالتكرار اللفظي، فـ(ما) زائدة لا نافية فاعلم ذلك).
وأما في خصوص تردده الذي زعم الأستاذ أنه دال على أن النبي صلى الله عليه وسلم كاهن وأن هذا لا يجوز في حقه عليه الصلاة والسلام وبالتالي فالحديث مكذوب، فإن الرد عليه سهل جدا..
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف مكانه ولم يذكر له تميم الداري الشامي في أي البحور كان سفره وبما أن جزيرة العرب محاطة بثلاثة أبحر ..بحر الشام وبحر اليمن وهو البحر الأحمر وبحر خليج العرب أو فارس؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر الاحتمالات الثلاثة ورجح الأخيرة بالوحي.
ومما جعله يضع الخليج العربي في الاحتمال كون تميم خرج مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام… ولخم في أقصى شمال خليج العرب..
ففي الحديث: (…ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخمٍ وجذام فلعب بهم الموج شهراً في البحر) فلعلهم بعد أن لعب بهم البحر شهرا دخلوا خليج العرب.. ورست بهم السفينة على شواطئ فارس، أو في بعض جزر الخليج، وهذا هو الظاهر لأنهم لم يتعرفوا على المكان..
وكونه من المشرق موافق لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخرج من المشرق في أحاديث أخرى، منها ما رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الشيخ الألباني عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدجال يخرج من أرض بالمشرق..يقال لها خراسان)، وخراسان وسط فارس. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يخرج الدجال من يهودية أصفهان..).
وتخمين النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لاضطراب في الوحي عنده بل لأنه اعتمد على القرائن الواردة في قصة تميم؛ فتميم كما قلت شامي والركب معه كانوا من لخم وجذام.. واللخميون بعضهم في المشرق، والجذاميون وبعض اللخميين في اليمن… والوحي يشير إلى المشرق، ومما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معتمدا حين تردده على الوحي بل على القرائن؛ أنه قال في رواية جابر لحديث الجساسة عند أبي يعلى في مسنده (2164): (إني لم أقم فيكم لخبر جاءني من السماء). ورجاله ثقات إلا الوليد بن عبد الله بن جميع فإن فيه كلاما من جهة حفظه لكنه لا ينزل عن مستوى حسن الحديث ولذلك يحسن له العلامة الألباني رحمه الله تعالى؛ بل حسن حديثه هذا في (قصة الدجال). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أبو يعلى بإسنادين رجال أحدهما رجال (الصحيح).
فلم ينتبه عدنان لهذه القرائن التي ينتبه لها عادة الأذكياء!

وقفة مع الشيخ رشيد رضا
لم يكن عدنان إبراهيم بدعا من الناس في إنكار قصة الدجال وإن كان أول من رأيته يسخر ويستهزئ بمثبته بهذه الطريقة.. وقد حاول الشيخ رشيد رضا أن يورد على حديث الجساسة ما يشكك في صحته وخرافية قصة الدجال.
ومن ذلك احتجاجه بأن العلماء اليوم قد مسحوا شواطئ البحار مسحا؛ فلم يقفوا على جزيرة فيها شيء مما ذكر في حديث الجساسة. وقد وافقه عدنان في شيء من هذا، وقد تورطا معا في موقف حرج جدا.. فإنه على هذه القاعدة لا يوجد سد ليأجوج ومأجوج كما ذكره القرآن الكريم، مع أن الأقمار الصناعية العسكرية والعلمية قد مسحت سطح الأرض مسحا، فهل هذا دليل على عدم الوجود؟
والقاعدة تقول عندنا أن: عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود..
فالحمد لله على الإيمان بالغيب، وأخشى ما أخشاه من عدنان أن تجده يوما ما يشكك في القرآن أو بعض آياته بمثل هذه القواعد الأرضية..
مع أنك تسمعه دائما يتغنى بأن المرجع عنده في رد الأحاديث هو القرآن الكريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *