المتلاعبون بالعقول “كيف يجذب محركو الدمى الكبار في السياسة والإعلان ووسائل الاتصال الجماهيري خيوط الرأي العام؟” أحمد السالمي

إن هذا العنوان الذي وضعته لمقالي هوعنوان لكتاب ألفه “هربرت أ. شيللر” وترجمه عبد السلام رضوان، بين فيه الدور الخطير للإعلام وكيف يوجه العقول، ويصنع المعرفة، ويضلل الرأي العام.
قال”هربرت”:”إن تضليل الجماهير لا يمثل أول أداة تتبناها النخب الحاكمة من أجل الحفاظ على السيطرة الاجتماعية، فالحكام لا يلجؤون إلى التضليل الإعلامي إلا عندما يبدأ الشعب في الظهور “ولو بصورة فجة” كإرادة اجتماعية في مسار العملية التاريخية،أما قبل ذلك، فلا وجود للتضليل “بالمعنى الدقيق للكلمة”، بل نجد بالأحرى قمعا شاملا، إذ لا ضرورة هناك لتضليل المضطهدين، عندما يكونون غارقين لآذانهم في بؤس الواقع”.
ونعود إلى الإعلام المصري حيث نجد أن رجال الأعمال يسيطرون على معظم الفضائيات والصحف الخاصة، ولهم علاقات وثيقة بنظام مبارك.
فمالك قناة “دريم” هو رجل الأعمال أحمد بهجت الذي نشبت بينه وبين البنوك نزاعات قضائية بسبب قروض تقدر بعدة مليارات، أما صاحب قنوات “سي بي سي” فهو رجل الأعمال محمد الأمين الذي صعد نجمه بعد الثورة.
ومالك قناةالتحريرهو رجل الأعمال سليمان عامر الذي قرر القضاء مصادرة أمواله قبل عامين باعتباره متهما مع وزير الزراعة الأسبق يوسف والي في قضية إهدار ثروة مصر الزراعية، أما قناة “صدى البلد” فيمتلكها رجل الأعمال محمد أبو العينين القيادي السابق في الحزب الوطني المنحل.
فالإعلام قادر على إثارة العنف وسخط الناس تجاه النظام، فما بالك إذا كان هذا الإعلام بأيدي الفلول، وبأيدي ملوثة بالاختلاسات والسرقات.
إن إعلام الفلول لعب دورا في إبراز السلبيات والمشكلات التي يعاني منها الشعب المصري مثل نقص الوقود وعدم انتظام خدمة الكهرباء وتردي الأحوال الأمنية وانتشار أعمال البلطجة، وتراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وقام بالتعبئة للتظاهرات.
والذي يوضح لنا الدور الخسيس الذي قام به الإعلام المصري أن عدلي منصور الرئيس المعين من قبل قادة الانقلاب تحدث في أول ظهور رسمي له يوم الخميس 4 يوليوز عن دور الإعلام خلال فترة حكم محمد مرسي، وقال: “إن الإعلام كان مشعلا أضاء الطريق للشعب وكشف سوءات النظام السابق”.
وتحدث عبد الفتاح السيسيعن وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، في نفس الوقت الذي داهمت فيه القوات الخاصة مجموعة من القنوات الإسلامية والمخالفة لخط إعلام الفلول، معتقلة العاملين فيها، وموقفة لبثها، بدعوى إثارة الفتنة، وهي نفس التهمة التي أوقف بها بث قناة الجزيرة الفضائية.
فإن كان هناك إعلام يدعو إلى الفتنة ويزور الحقائق ويتلاعب بالتاريخ فهو إعلام الفلول، الذي فضحته أخطاؤه التقنية، حيث نشر صورا قديمة لميدان العباسية على أنها صور حديثة لدار ضباط الحرس الجمهوري، وهناك إعلام كشفته أخطاؤه الفنية فيراه مشاهدوه وهو يلقن ضيوفه المؤيدين للانقلاب ما ينبغي عليهم قوله ضد خصومهم المؤيدين للحكم السابق.
وفي الأخير لا يسعني أن أقول إلا:
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكــــنه ضحك كالبكـــاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *