البرنامج الفرنسي الموصى بتنفيذه بعد احتلال فاس الأستاذ إدريس كرم

نقدم فيما يلي نص البرنامج التوجيهي لوزير الخارجية الفرنسية بعد موافقة حكومته على دخول الجيش الفرنسي لعاصمة المغرب فاس، استجابة لدعوة السلطان مولاي حفيظ لفك الحصار المضروب عليها من أجل عزله بعد إخلاله بالالتزامات التي بويع من أجلها، ومبايعة أخيه بمكناس مولاي الزين على نفس الشروط السابقة لمبايعة مولاي عبد الحفيظ وعزل أخيه مولاي عبد العزيز، وفيما يلي نص الرسالة:
“من وزير الخارجية الفرنسية إلى «دوبيليي» من باريس، مؤرخة في 16 ماي 1911، رقم:292 ص:291:
أرجو أن تبلغ الجنرال قائد قوات الاحتلال التعليمات التالية:
تبعا للقلاقل التي تفجرت في ناحية فاس وما تقوم به القوات الشريفة من ضغوط للردع، بعث السلطان لفرنسا بطلب دعمه بعد حصار مدينة فاس من طرف المتمردين، واحتجاز المعمرين الأجانب.
حكومة الجمهورية عملت على الاستجابة لطلب السلطان، أنتم إذن مكلفون مع القوات العسكرية الموضوعة رهن إشارتك بالتعاون مع القوات الشريفة لتثبيت أمن المواصلات بين العاصمة والموانئ، وحماية الأجانب القاطنين إلى أن يتمكن المخزن من القيام بذلك عبر قواته الشريفة تحت سلطة السلطان، مع التأكيد على أن تحركاتنا تتماشى مع مقررات مؤتمر الجزيرة.
لا تتخذ أي موقف يفهم منه أننا نسعى في الإضرار باستقلال السلطان أو إزالة أبهة سيادته؛ نحن لا نقوم باحتلال جديد لأرض مغربية جديدة، لأنه مناقض لسياستنا.
عمليات القوات الغازية ستنتهي بسرعة، عليكم السعي لصيانة وتسهيل متابعة المفاوضات مع القبائل لضمان هدوئها.
بمجرد ما تجري مباحثات مع قنصلنا بفاس، ونكون رأيا في الأمر السياسي الذي سيتخذه، وتتفق معه عليه في تقرير كما مع المخزن، وتزوران السلطان من أجل الجواب على طلبه، وتتجنب إثارة المتعصبين، يتمنى أن مدينة فاس لا تحتل إلا من طرف القوات المغربية أو عناصر مغربية في الكولون، القوات الفرنسية تستقر في وضع مجاور للمدينة.
اصرفوا دون تأخير التموين للقوات الشريفة، حتى يتم تعزيزها بالوحدات اللازمة من قوات الكوم والمتطوعين المغاربة، عليك استيحاء تصرفاتك من اتفاقية 1910، ودراسة تنظيمها مع المخزن وقنصل فرنسا ورئيس بعثتنا العسكرية لامتلاك سلطة إدارة الحملة المقدمة لك من طرف السلطان.
نحن نريد أن يتحقق هذا البرنامج في أقرب وقت ممكن يسمح لنا باسترجاع قواتنا وترك الحكومة المغربية تواصل المعالجة ووسائل متابعة الإصلاحات، إذا ما بقيت مدينة مكناس مستقَرا لتهديد الأمن في البلاد ولزم إقراره وصيانة سلطة السلطان، عليك الاستعانة بالمتطوعين الشريفيين لكن في حدود هذه العملية، متجنبا الجولان والتوسع على أطراف حدود القبائل البربرية.
ترتيبات عودة قواتنا للشاوية تستوجب معاقبة «ازعير» بسبب اعتدائها في يناير الأخير؛ ادرس الوسائل المستوجب اتخاذها، إذا أمكن استخدام طريق «مكناس الرباط» عبر «زمور» هذه الطريق يمكن بدون شك لو هيئت بشكل منظم عند الاقتضاء أن تصير طريق محور سريع دائم لفاس.
لي كامل الثقة بأنكم ستطبقون بالتعاون مع السيد «كيار» وقائد بعثتنا العسكرية هذا الشروع العملياتي وفق الاتجاه السياسي الذي حددته بالضبط، عليكم إخبار قنصلنا بالتعليمات التالية ليتصرف وفقها، لقد استجابت الحكومة الفرنسية لطلب النجدة المقدم من طرف السلطان تبعا للتقليد السياسي المتبع من طرفها في مساعدة الحكومة المجاورة للجزائر والتعاون معها، نحن لن نتوانى أبدا على اعتبار صيانة السلطة الشريفة بالنسبة لسياستنا محددا أساسيا كاتفاق الجزيرة وأساسا لكل إصلاح أيضا، لا تهمل عرض ذلك على السلطان باسم حكومة الجمهورية، مبينا له أن هذه الاعتبارات هي التي ما فتئت تنظم مواقفنا.
لكن نحن نلح على أن للمخزن صعوبات في الوقت الراهن، لذلك يجب عليه إجراء إصلاحات إدارية عميقة وضرورية، ونعتقد أن مولاي حفيظ سيلتزم بتصريحاته المتكررة مبتعدا عن تلك الطرق السيئة في التدبير، ويشرع في إقامة حكومة متحضرة، ويعيد تنظيم الجيش تحت إدارة بعثتنا العسكرية، ونحن مستعدون لتقديم المدربين والسلاح المحتاج لذلك.
وعليه يجب الآن ضمان موارد منتظمة وجبايتها بعدل وإنصاف، وتنظيم تحصيل الترتيب بجدية وصرامة في كل الإيالة، حيث سبق نجاح ذلك بضغط من القوى الكبرى سابقا، كما يجب تطبيق محاسبة سليمة في إدارة ذلك المال، وأول ما يجب القيام به لتحقيق ذلك هو أن تدار المالية الشريفة من الآن فصاعدا بنزاهة وحذر، بواسطة حساب ادخار وإنفاق تحت مراقبة بعيدة عن المسؤول الشريفي، وخاصة الأعوان الذين عينهم السلطان.
يجب تحصين الميزانية العسكرية ولو تطلب ذلك استنفاد الموارد المالية المحصلة، دون اهتمام برأي المتدخلين الأجانب في الإدارة المخزنية.
تنمية الأشغال العمومية ستخضع لقابلية النقود المتوفرة، عليك أن تطلب من السلطان رفع نسبة المصلحة الشريفة للخدمات العامة من أجل السماح لتهييء دراسات الأشغال المستعجلة مثل طريق مكناس، يجب على السلطان أن يهتم بوضع حد للصعوبات والتكاليف التي يشتكي منها الأجانب، هذه النتيجة لن تتحقق كاملة إلا بإزالة تعسفات القياد، وحمايتهم بانتظام من تصرفاتهم.
من الآن يجب إقامة قضاء يعطي كافة الضمانات من طرف المخزن للأجانب بفحص شكاويهم المرفوعة ضد الإرادة الشريفة، الإصلاحات العميقة يجب أن تبدأ من سامي الشخصيات المخزنية، وهذا ضروري؛ يجب أن تشير لمولاي حفيظ بوجوب ذلك واختبار بعض المعايير معه المتخذة في من يجب إسناد الأوامر إليه في أنحاء الإيالة، لكن مهما كانت تغيرات الأفراد أو المصالح المعتمدة، فإن السلطان يمكنه معالجة الصعوبات الكبرى الجارية إذا ما استخدم سلطاته الشخصية.
لي تمام الثقة في خبرتك لاستلهام أحسن السبل لتنفيذ هذا المخطط، نريد أن نخلص أولا إلى تدبير إمكانية إخلاء ناحية فاس في أسرع وقت، وهو الباعث الذي أملى علينا السياسة التي نستوحي منها المقترحات فيما يتعلق بالمخزن أو حكومة الجمهورية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *