أؤكد أن المفاسد المترتبة عن هجر العلماء والدعاة للعمل السياسي هي مفاسد محققة وظاهرة وأنا أعتقد بأن هذا الصنف من النخبة المغربية يمكن أن يقدم الكثير في مجال الإصلاح السياسي
سبق لعدد من العلماء والدعاة أن اختاروا الإصلاح من بوابة السياسة، من أمثال عبد الباري الزمزمي وعبد العزيز بن الصديق رحمهما الله ومحمد الأمين بوخبزة كيف تقيمون تجربتهم السياسية؟
في الحقيقة ليست عندي معلومات كافية تمكنني من تقييم تجربة هؤلاء العلماء وما هو حجم الإصلاح الذي شاركوا به في المجال السياسي وما يرتبط به
ولكن في المقابل أستطيع أن أؤكد بأن حجم المفاسد الذي ترتب عن هجر العلماء والدعاة للعمل السياسي هي مفاسد محققة وظاهرة وأنا أعتقد بأن هذا الصنف من النخبة المغربية يمكن أن يقدم الكثير في مجال الإصلاح السياسي وترسيخ الحكامة وتخليق الشأن العام وتثبيت مفاهيم النزاهة والشفافية والوطنية الصادقة ولذلك أقدر بأن وطننا خسر الكثير بغياب هذا الصنف من المواطنين.
-هل يمكن أن يؤثر العمل السياسي على المردود الدعوي للعالم والداعية؟
ينبغي أن نستحضر هنا بأن الدعوة إلى الله تعالى لا تنحصر في مجال محدود، وليس الخطاب فيها مقيدا بزمان أو مكان، فالمجال السياسي مجال خصب للدعوة لأنه يتيح لك الفرصة للتعرف على ناس آخرين الذين يمكن أن تتبادل معهم الآراء والأفكار والقناعات وبالتالي فهو مجال خصب للداعية بأن ينمي معارفه وكذلك يمكن أن يسهم في تنمية معارف الآخرين، ومن أهم المقاصد الدعوية في هذا المجال ترسيخ سلوك الوفاق الوطني الذي يحد من التقاطب ويرسخ بين الفرقاء السياسيين سلوك التفاهم والتطاوع، وهذا وفي حد ذاته مكسب دعوي ووطني.
وأنا شخصيا أعتبر الدعوة إلى الوفاق الوطني من مهمات الخطاب الدعوي وقد كنت أدعوا إلى ذلك بالكتابة والدروس واليوم يمكن أن أدعو إليه بشكل آخر.
-العالم أو الداعية يتعامل بحرية وشكل كبير من الشفافية في التعاطي مع قضايا الواقع بخلاف السياسي الذي تكبله البرامج والحسابات السياسية، هل توافقون على هذا الطرح؟
كلما اقتربت من المراكز الأكثر أهمية في التدبير السياسي كلما ضاق مجال تعبيرك عن أرائك والدعوة إلى قناعاتك، لكن في المقابل تفتح لك أبواب لا يمكن أن تجدها كما شرحت في السؤال السابق، وفي المقابل أيضا فإن الداعية يبقى حرا فيما سوى التزاماته التوافقية ويبقى له المجال الفسيح للدعوة إلى الله تبارك وتعالى بكل حرية ومسؤولية.
– علاقة الديني بالسياسي ما تمثل لكم؟
في الإسلام العلاقة بينهما علاقة فيها قدر كبير من التداخل الذي يظهر على مستويات عقدية وتشريعية وأخلاقية كثيرة جدا، وهذا هو الواقع الكلي من حيث النظرة الشمولية والكاملة للموضوع.
وهذا يظهر أكثر في التفاصيل حيث لا تطرح العلاقة بينهما أي مشكل، فمثلا أغلب التدابير والمجالات السياسية لا تخضع لأحكام فرعية بل لمبادئ الشريعة العامة التي تؤسس للعدل والحكم الرشيد.
فهذه المساحة الشاسعة للعمل السياسي لا يحصل فيها اصطدام ولا مشكل، والداعية يجد فيها مجالا خصبا للتقرب إلى الله بالنية الصالحة أولا ثم بالصدق والأمانة في ممارسة عمله وتأطيره بمبادئ دينه، وهذه المعاني كلها هي معاني دينية ويمكن للإنسان المتدين أن يطبقها في عمله السياسي.
وبهذا التصور يمكن أن نزن الأمور بميزان سليم ونعطي للمشكل قدره وحجمه ولا نضخم المشكل بشكل يعيق المتدين عن حقه في العمل السياسي ويخيف غير المتدين من مشاركة الداعية في العمل السياسي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) وكيل لائحة العدالة والتنمية بمنطقة كليز/مراكش.