كان السلطان عبد الحميد يرى -منذ أن تولى الحكم- ضرورة اتخاذ اللغة العربية لغة رسمية للدولة العثمانية. وفي هذا يقول: “اللغة العربية لغة جميلة، ليتنا كنا اتخذناها لغة رسمية للدولة من قبل. لقد اقترحت على خير الدين باشا -التونسي- عندما كان صدراً أعظم أن تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية، لكن سعيد باشا كبير أمناء القصر اعترض على اقتراحي هذا، وقال: إذا عرّبنا الدولة فلن يبقى -للعنصر التركي- شيء بعد ذلك.
كان سعيد باشا رجلاً فارغاً، وكلامه فارغاً. ما دَخْل هذه المسألة بالعنصر التركي؟! المسألة غير هذه تماماً، هذه مسألة وتلك مسألة أخرى، اتخاذنا للغة العربية لغة رسمية للدولة من شأنه -على الأقل- أن يزيد ارتباطنا بالعرب” (السلطان عبد الحميد الثاني، ص: 199).
إن السلطان عبد الحميد الثاني كان يشكو وخصوصاً في بداية حكمه من أن الوزراء وأمناء القصر السلطاني، كانوا يختلفون عنه في التفكير، وأنهم متأثرون بالغرب وبالأفكار القومية والغربية وكانوا يشكلون ضغطا على القصر، سواء في عهد والده السلطان عبد المجيد، وفي عهد عمه السلطان عبد العزيز، أو في عهده هو. لم يقتصر الأمر في معارضة اقتراح السلطان عبد الحميد بتعريب الدولة العثمانية على الوزراء المتأثيرن بالغرب فقط، بل تعداه إلى معارضة من بعض علماء الدين. (السلطان عبدالحميد الثاني، ص: 200).
إن من الأخطاء التي وقعت فيها الدولة العثمانية عدم تعريب الدولة وشعبها بلغة القرآن الكريم والشرع الحكيم.
ـــــــــــــــ
* الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط للصلابي (ص: 470-471).